لا شك أن العاصمة البريطانية لندن ستكون محط أنظار العالم بأسره خلال دورة الألعاب الاوليمبية 2012 خلال الفترة من 27 يوليو/تموز وحتى 12 أغسطس/آب المقبلين، ولكن منطقة شرق المدينة ستصبح الأكثر جذبا حيث يقع المجمع الأوليمبي في حي ستراتفورد، وتوجد أشكال وأنواع متعددة من المعالم والانشطة التي يمتزج فيها الحاضر بالمستقبل مع روح الشباب والابداع والفن.
ويحد منطقة شرق لندن كل من مؤسسة السيتي المالية ومحطة ليفربول ستريت، ويمكن الوصول إلى مجمع (ستارتفورد) الأوليمبي من مناطق مثل وايتشابل وسبيتالفيلدز وشورديتش وهوكستون.
ويمثل هذا المحيط الاستراتيجي أحد عوامل نهضة المنطقة التي كانت تعرف سابقا باسم "لندن المهمشة"، والتي كانت مصدر إلهام لتشارلز ديكنز في الكثير من رواياته وارتكب بها السفاح جاك بعض جرائمه.
ويعتبر السفاح جاك أشهر من عاش في هذه المنطقة حيث قتل عدة نساء في 1988 ولا يزال بعض السائحين يحاولون حتى اليوم معرفة المزيد عن لغزه الذي لم يتم حله حتى الآن.
وتعد حانة (ذي تين بيل( التي يقال ان جاك السفاح كان يصطاد ضحاياه منها واحدة من أقدم معالم المنطقة التي تفتخر الآن بكونها مرجعية للفنانين حيث يوجد بها أفضل المعارض والأسواق الأصلية بخلاف روعة الحياة الليلية.
وعلى الرغم من مظهرها القديم ومعمارها ذي الطابع الصناعي سابقا، إلا أن منطقة شرق لندن عرفت كيفية تخطي عيوبها والضعف الذي ظلت تعاني منه لقرون، أمام غرب العاصمة، الأكثر رقيا.
وساهم الكثير من المبدعين في تطوير هذه المنطقة منذ بداية التسعينيات حيث طبقوا أفكارهم ومواهبهم الابداعية، ومنهم ألكسندر ماكوين، الذي قام هناك بأولى خطواته كمصمم، بجانب رسام الجرافيتي الشهير، بانكسي.
ومن ضمن أشهر الأماكن في شرق لندن جاليري (وايتشابل) العريق الذي عرض في 1939 لوحة (جيرنيكا) الشهيرة للرسام الإسباني العالمي بابلو بيكاسو.
وترى المسئولة الاعلامية لجاليري (وايتشابل)، راشيل مابلبيك، أن "منطقة شرق لندن تتمتع بقدر كبير من التعددية حيث توجد مؤسسة السيتي، والتي تعتبر بمثابة قلب لندن المالي، بخلاف تنامي الجوانب الابداعية بوجود 12 ألف فنان و200 معرض".
بريك لين.. العالم في شارع واحد:.
يظهر مدى شعبية شرق لندن بمشاهدة آلاف السائحين حيث يكون لدى أغلبهم خطة مسبقة، خاصة وأنه من المعروف أن يوم السبت دائما يكون في (برودواي ماركت)، وهو مكان جيد لتناول المقبلات والاستمتاع بمنتجاته العضوية المتنوعة.
وبالنسبة للأحد فهو اليوم المناسب للتوجه لشارع (كولومبيا فلاور رود)، الذي يعتبر بمثابة سوق شعبي للزهور يوجد به العديد من البائعين الذين يتاجرون في مختلف أنواع النباتات والزهور ويقف به عازفون يقدمون فقرات مسلية.
وبعد الانتهاء من القيام بجولة في (كولومبيا فلاور رود)، لا يوجد ما هو أفضل من التوجه لبريك لين، أكثر الشوراع شعبية وحيوية وطاقة في شرق لندن.
وعلى الرغم من أن بريك لين يمكن زيارته في أي يوم، إلا أن الأحد هو الأفضل، حيث يقول البعض إن العالم كله ينصهر بهذا الشارع في ذلك اليوم.
ومن أشهر المعالم في هذا الشارع، مخبز (بيجل بيكر)، والذي يعتبر بمثابة مكان مقدس لعشاق الـ(بيجلز) وهي شطائر من خبز القمح التي يوجد ثقب بمنتصفها.
ويظل المحل مفتوحا طوال 24 ساعة ودائما ما توجد به زبائن في انتظار تناول شطائر بهذا الخبز مع الجبن أو لحوم الأبقار أو السلمون المدخن.
وتعتبر أكبر جالية موجودة بهذا الشارع هي البنغالية، لذا فإن رائحة الكاري دائما ما تفوح من مطاعمهم التي تملأ الشارع او الأكشاك التي تقدم كل شيء.
ومن ضمن المناطق التي تعتبر من أهم عوامل الجذب، مصنع (أولد ترومان بريويري( العتيق للجعة، والذي أصبح مطعما يقدم أطباقا من كل أنحاء العالم.
وبعد الاستمتاع بشارع بريك لين المليء بالغرائب والتجار، فإن سوق سبيتافيلدز يظهر كخيار آخر متاح للزوار، حيث كان يعتبر فيما سبق أكبر سوق للفاكهة بالعاصمة، إلا أنه الآن قلب عالم "الفينتاج"، أي الأزياء القديمة الماعد تقديمها بكل تفاصيلها، في لندن.
وبعيدا عن عالم التسوق والمطاعم فإن عشاق التاريخ يمكنهم الاستمتاع بزيارة متحف (جيفري)، الذي يتيح فرصة التعرف على الطبقة الوسطى البريطانية في مختلف المراحل التاريخية.
ومن ضمن المعالم السياحية الأخرى مقبرة بانهيل فيلدز، المدرجة في قائمة التراث اللندني والتي يطلق عليها "الحقل المقدس للمنشقين"، حيث دفن بها عدد من أعلام الأدب مثل دانييل ديفوي وجون بونيان والشاعر ويليام بليك.
مزايا وعيوب:.
وجلب تطوير هذه المنطقة معه آثارا جيدة وسيئة، فبالنسبة للنواحي الإيجابية يبرز تحويل المساكن القديمة لمنازل حديثة والمصانع العتيقة لاستوديوهات تصميم وابداع وافتتاح مطاعم تراهن على حماية البيئة وفنادق جديدة ساهمت في تطوير البنايات المهجورة، هذا بخلاف انتقال أكثر من 600 شركة تكنولوجية لهذا الجزء من المدينة لتكوين ما يعرف بإسم (تيك سيتي)، وهو الأمر الذي ساهم في توفير فرص عمل.
وبالنسبة للنواحي السلبية، فإن شرق لندن تمر الآن بنفس الظاهرة التي عانى منها حيي كامدين تاون ونوتينج هيل، حيث أجبر التلاعب في أسعار العقارات، المبدعين القائمين على تطوير المنطقة على التفكير في الانتقال لمكان آخر.
وتسبب ارتفاع الأسعار في المنطقة إلى اقدام بعض أهاليها على الرحيل ومعها انتقلت لهجتهم المعروفة بإسم "كوكني" إلى عدة أحياء أخرى، ومعها روح منطقة شرق العاصمة البريطانية. (إفي)
ضع تعليق بحسابك فى الفيس بوك |
|