بعد أن أعلن المهاجم روبن فان بيرسي أنه لا ينوي تجديد عقده مع ناديه بعد نهايته في الصيف المقبل، مشككا في رغبة النادي في المنافسة جديا على الفوز بالبطولات، يتردد سؤال عن مستقبل الدولي الهولندي الذي اختير أفضل لاعب هذا العام في تصنيف كل من «رابطة اللاعبين المحترفين» و«رابطة النقاد الكرويين»، بعد أن تمكن بمفرده تقريبا من الوصول بفريق آرسنال إلى احتلال أحد المراكز المؤهلة لدوري الأبطال، وذلك بتسجيله 30 هدفا في 38 مباراة. والاختيارات التي أمام فان بيرسي الآن تتراوح بين البقاء في آرسنال أو الانضمام إلى أندية أخرى تناسب طموحات اللاعب.
آرسنال:
انضم فان بيرسي إلى فريق المدفعجية عام 2004، وهو يقول إنه «صار رجلا» خلال السنوات الـ8 التي قضاها داخل النادي تحت قيادة المدير الفني أرسين فينغر. ولكن مهما بلغ ارتباطه العاطفي بكتيبة شمال لندن واحترامه لفينغر، فقد مرت على نادي آرسنال 7 سنوات كاملة من دون الفوز بأي بطولة.
وما زال لدى فان بيرسي موسم كامل في عقده الحالي، وقد يؤدي قراره بعدم التجديد إلى انتقاله إلى ناد جديد هذا الصيف. وتولي إدارة نادي آرسنال، التي ربما ما زالت تتمسك بالأمل في تغيير رأي اللاعب، أهمية كبيرة للاعتبارات المالية، ذلك أن الحصول على مقابل كبير قد يكون أفضل من خسارة اللاعب مجانا الصيف المقبل.
مانشستر سيتي:
إن نادي مانشستر سيتي لا ينقصه المال، وقد ترددت أنباء عن استعداده لدفع رقم فلكي في محاولة لإقناع فان بيرسي بالانضمام إليه، حيث إنه أحد أهم اللاعبين الذين يضعهم بطل الدوري الإنجليزي صوب عينيه هذا الصيف، وفي ظل استثمارات صاحب النادي الشيخ منصور، فإن النادي يمتلك المال والطموح كذلك. وقد شاهد فان بيرسي غايل كليشي وسمير نصري وهما ينتقلان من استاد الإمارات إلى استاد الاتحاد في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، لكن حجر العثرة الرئيسي أمام انتقاله إلى مانشستر سيتي قد يكون عدم استعداد آرسنال لبيع لاعب آخر إلى منافسه. وبالإضافة إلى نصري وكليشي، فقد سبق خلال المواسم الأخيرة أن انتقل كل من إيمانويل أديبايور وكولو توريه من آرسنال إلى مانشستر سيتي.
مانشستر يونايتد:
اعتاد مانشستر يونايتد وآرسنال أن يكونا هما قطبي المنافسة على اللقب، إلا أن ابتعاد المدفعجية عن الفوز بمركز يضمن لهم المشاركة في دوري الأبطال عزز من موقف مانشستر يونايتد في أن يتمكن من إغراء اللاعب بالانتقال إلى استاد أولد ترافورد. ومن المعروف عن المدير الفني لمانشستر يونايتد، سير أليكس فيرغسون، إعجابه الشديد بأداء فان بيرسي. وعلى الرغم من أن مانشستر سيتي هو الوحيد الذي تفوق على فريقه في تسجيل الأهداف في الدوري الموسم الماضي، فهو لا ينسى أن فريقه خسر اللقب بفارق الأهداف. وربما تكون المشكلة الوحيدة هي المقابل المادي، فهل يستطيع مانشستر يونايتد أن يقدم عرضا مماثلا للعرض الذي يقدمه غريمه المحلي من أجل شراء اللاعب؟
يوفنتوس:
لقد عاد يوفنتوس إلى الفوز بلقب الدوري الإيطالي، ويقال إن إدارة نادي آرسنال قد رفضت عرضا من نادي السيدة العجوز بقيمة 8 ملايين جنيه إسترليني لشراء فان بيرسي، حيث تطمع الإدارة في الحصول على رقم أكبر. صحيح أن نادي مدينة تورينو قد يكون بطل الدوري، لكن البطولة الإيطالية ربما لم يعد لها نفس التأثير على اللاعبين الكبار الذي كانت تتمتع به في الماضي.
مزاحمون آخرون:
برشلونة: كان من الممكن أن يتقدم النادي الكتالوني بعرض لضم فان بيرسي بعد إصابة المهاجم ديفيد فيا بكسر في الساق نهاية العام الماضي، إلا أن فيا أوشك على العودة إلى الملاعب مع الموسم الجديد، وما زال لديهم ليونيل ميسي كي يعتمدوا عليه في تسجيل الأهداف.
ريال مدريد: تضاءلت رغبة النادي الملكي في استقدام فان بيرسي خلال الأشهر الأخيرة، كما أن خط الهجوم لم يكن مصدرا للمتاعب بالنسبة له الموسم الماضي في طريقه للفوز بالدوري الإسباني.
باريس سان جيرمان: يتمتع باريس سان جيرمان بدعم مالي قوي يتمثل في هيئة الاستثمار القطرية، لكنهم حصلوا بالفعل على توقيع المهاجم الأرجنتيني إزكويل لافيتسي من نادي نابولي. وربما يكون المدير الفني للنادي الباريسي، كارلو أنشيلوتي، مهتما أكثر بتدعيم الخطوط الأخرى في فريقه، في حين أن فان بيرسي قد لا يعتبر الدوري الفرنسي تحديا مغريا بما يكفي.
لاعبون رحلوا عن آرسنال:
في الماضي، كان الرحيل عن المدفعجية سيبدو بمثابة بداية النهاية للمسيرة الكروية لأي لاعب، لكن هذا لم يعد هو الوضع الآن، ويعد نصري وكليشي مثالين حديثين على ذلك، بعد انتقالهما إلى نادي مانشستر سيتي الصيف الماضي وفوزهما بلقب الدوري الإنجليزي في ختام موسمهما الأول مع النادي. وبالمثل، فقد غادر سيسك فابريغاس استاد الإمارات العام الماضي منتقلا إلى نادي برشلونة، وعلى الرغم من خروج النادي الإسباني من دوري الأبطال في الدور قبل النهائي وحلوله ثانيا في ختام بطولة الدوري الإسباني، فقد فاز بالفعل ببطولة محلية. وقد كان تييري هنري جزءا من فريق «آرسنال الذي لا يقهر» الشهير الذي فاز بلقب الدوري موسم 2003 - 2004 وأنهى البطولة من دون أي هزيمة، وهو أيضا انتقل من آرسنال إلى برشلونة عام 2007، وفاز معه بدوري الأبطال عام 2009. ولا شك في أنه قد يرحل نجم آخر من نجوم آرسنال عن استاد الإمارات بعد رحيل فان بيرسي.
وبالعودة إلى مانشستر سيتي في إطار مساعيه الحثيثة للتعاقد مع فان بيرسي، فمن المتوقع أن يستغني نادي مانشستر سيتي الإنجليزي عن مهاجمه التوغولي أديبايور لنادي توتنهام هوتسبر مقابل 5 ملايين جنيه إسترليني؛ ليكون أساسيا في توتنهام بعد أن أعاره سيتي إلى الفريق اللندني. ويستعد نادي توتنهام، الذي أظهر تحولا كبيرا في موقفه ووافق على دفع راتب أديبايور الذي يصل لنحو 170.000 جنيه إسترليني في الأسبوع، لإنهاء تلك الصفقة خلال الأسبوع الجاري. ومن جهته، يعتقد نادي مانشستر سيتي أن رحيل المهاجم التوغولي يعد خطوة كبيرة على طريق التعاقد مع فان بيرسي الذي لن يوافق على الانتقال للنادي في حالة بقاء أديبايور بسبب الخلافات التي كانت قد نشبت بين اللاعبين من قبل.
ومن المفهوم أن يكون فان بيرسي، الذي أصر على عدم تجديد عقده مع المدفعجية، مهتما بالدفاع عن ألوان قميص مانشستر سيتي، ولكن المدير الفني للفريق روبرتو مانشيني يدرك جيدا أن النجم الهولندي لن يوافق على اللعب لمانشستر سيتي طالما ظل أديبايور في النادي. وكانت العلاقة بين اللاعبين قد ساءت بشكل كبير في شهر سبتمبر (أيلول) 2009 عندما كان أديبايور قد انتقل لتوه لصفوف نادي مانشستر سيتي، حيث وجه النجم التوغولي حذاءه لوجه فان بيرسي، قبل أن يركل النجم الإسباني سيسك فابريغاس بقوة خلال مباراة مانشستر سيتي أمام آرسنال. وعقب المباراة، أصدر فان بيرسي بيانا يدين «الركلة الطائشة والخبيثة» لأديبايور، ودخل اللاعبان في حرب كلامية منذ ذلك الحين.
ويدرك مانشستر سيتي هذه العلاقة جيدا ويعرف أنه يتعين عليه التخلي عن خدمات أديبايور إذا ما كان يرغب في التعاقد مع النجم الهولندي، على الرغم من أن النادي يدرك أيضا أن توتنهام قد لا يتمكن من منح أديبايور راتبه الخيالي. ويتبقى عامان في عقد أديبايور مع مانشستر سيتي، ولكن توتنهام هوتسبر، الذي يدفع راتبا أسبوعيا لنجم الفريق غاريث بيل يتعدى 100.000 جنيه إسترليني، يسعى لتدعيم صفوف الفريق بقوة، ولا سيما بعد التعاقد مع المدير الفني السابق لنادي تشيلسي، أندريه فيلاس بواس.
يذكر أن أديبايور قد سجل 18 هدفا الموسم الماضي بقميص توتنهام هوتسبر خلال فترة إعارته من مانشستر سيتي، ويريد البقاء مع توتنهام. ويدرك مانشستر سيتي جيدا أنه يتعين عليه التخلي عن اللاعبين ذوي المرتبات الكبيرة في الفريق حتى يمكنه التعاقد مع فان بيرسي. ومن المرجح أن يقدم مانشستر سيتي عرضا أوليا بقيمة 15 مليون جنيه إسترليني، على الرغم من أن فان بيرسي الذي أحرز 37 هدفا بقميص المدفعجية الموسم الماضي ربما يظل في صفوف آرسنال عندما يتقابل الفريقان في مباراة ودية في العاصمة الصينية بكين في السابع والعشرين من شهر يوليو (تموز) الجاري. يذكر أن مانشستر يونايتد الإنجليزي ويوفنتوس الإيطالي مهتمان أيضا بالتعاقد مع نجم الطاحونة الهولندية.
ومن المقرر أن يلتقي المدير التنفيذي لنادي آرسنال، إيفان غازيديس، فان بيرسي مرة أخرى خلال الأسبوع الجاري لعقد مزيد من المفاوضات، وحذره بالفعل من إمكانية عدم تخلي النادي عنه حتى انتهاء عقده مع الفريق بنهاية الموسم المقبل. وكان مانشستر سيتي قد أعرب عن استعداده لدفع 20 مليون جنيه إسترليني، علاوة على التخلي عن المهاجم البوسني إدين دزيكو، من أجل الحصول على خدمات النجم الهولندي. يذكر أن المدير الفني لنادي آرسنال، أرسين فينغر، من أشد المعجبين بقدرات دزيكو، ولكنه ربما يتراجع عن التعاقد مع اللاعب بسبب راتبه الأسبوعي الذي يصل إلى 130.000 جنيه إسترليني. ويأمل مانشستر سيتي أن يحصل دزيكو على عرض من نادي ميلان الإيطالي أو بايرن ميونيخ الألماني.
ومن جهته، يؤمن نائب رئيس آرسنال السابق، ديفيد كين، بأن مشكلة فان بيرسي مع الفريق لن تشهد انفراجة في المستقبل القريب، وأضاف: «أعتقد أنه سينضم للتدريبات، ثم نرى ما سيحدث بعد ذلك. بمجرد أن يخرج اللاعب ويدلي بتصريحات مثل الصادرة عن فان بيرسي، فمن الطبيعي أن تكون هذه مقدمة للرحيل، ولكن من المؤكد أن آرسنال سيبذل قصارى جهده من أجل الاحتفاظ باللاعب».