كنت أظنّ أن ميكايل بالاك لاعب منحوس، ولكن يوماً بعد يوم يتبين لي أن ألمانيا كلها منحوسة. كنت أظن أن حامل الرقم "13" في ما مضى فأل سيء على المانشافت وعلى كل ناد لعب له ولكن اتضح أنني كنت مخطئة لأن على ما يبدو فإن جيلاً ألمانياً بأكمله: منحوس!
بالاك لم يفز أبداً بأي لقب دولي مع المانشافت خلال مسيرته بالرغم من تألقه الدائم وحضوره الكبير وشخصيته القيادية والطاغية، وكذلك فشل في إحراز لقب دوري الأبطال مع النوادي التي لعب لها بالرغم من وصوله إلى نهائيين مع باير ليفركوزن وتشيلسي.
غير أن المانشافت ولاعبيه أيضاً لم يحققوا أي لقب بعد "استبعاد" أو اعتزال بالاك الدولي، سمه ما شئت، وذلك بالرغم من خوضهم بطولتين دوليتين كبريين حتى الآن كأقوى المرشحين. فما الفارق بين بالاك وخليفته لام؟ ما الفارق بين بالاك وشفاينشتايجر؟ بين بالاك وكلوزه؟ بودولسكي؟ ... لا فرق!
ألم يخسر كل من لام وشفاينشتايجر نهائيين لدوري الأبطال مع بايرن ميونيخ في غضون عامين فقط؟ ألم يخسرا يوم أمس نصف نهائي يورو 2012 ضد العقدة الإيطالية التي تترسخ حتى إشعار آخر؟ وألم يخسرا نهائي يورو 2008 ونصف نهائي كأس العالم 2006 و2010؟
وكلوزه؟! أنا حقاً أشعر بالأسى لحال هذا الرجل "الأسطورة"، لقد حقق أرقاماً مذهلة على الصعيد الفردي وهو في طريقه لتحطيم أرقام أخرى بقيت صامدة لعشرات السنين، ولكنه كزملائه في المجموعة فشل في إحراز لقب مع المانشافت بعد أكثر من 10 أعوام من انضمامه للمنتخب الأول. لا أنسى أبداً بدايات كلوزه مع المانشافت، ولن أنسى خسارته (مع بالاك بطبيعة الحال) لنهائي كأس العالم 2002 ضد منتخب السامبا منذ 10 أعوام خلت. ولن أنسى كذلك النصيب الذي ناله من دموع البطولات الأخرى في 2006 و2008 و2010 و2012، كما خيبته في نهائي دوري الأبطال مع بايرن ميونيخ في 2010.
ولعلّ ما يدفعني للأسف على حال هذا الرجل أكثر من سواه من المنحوسين هو أن هذه البطولة كانت فرصته الأخيرة على الأرجح لتحقيق لقب مع منتخب بلاده، لأنه وبنسبة 90% لن يكون حاضراً في البرازيل عام 2014 بينما سيحظى كل من لام وشفاينشتايجر وبودولسكي ... بفرص أخرى من أجل إنهاء هذا الجفاف المستمر منذ عام 1996، والذي سيستمر
ربما احتاجت ألمانيا التائهة في هذه المباراة إلى بالاك، حتى لو كان منحوساً وسيء الحظ. ما أظهرته ألمانيا ليلة أمس من ضياع كبير وافتقاد للروح لا مثيل لهما من قبل أمام تنظيم وجرينتا الآتزوري يؤكد أنها احتاجت إلى لاعب من طينة بالاك، بالاك اللاعب والقائد والمدرب في آن معاً على أرضية الملعب، لا سيما في ظل المعمعة التكتيكية التي ورّط بها يواخيم لوف نفسه باعتماد خطة جبانة تقوم على 3 لاعبي ارتكاز كما لو كان يلاعب برشلونة. لا فيليب لام ولا باستيان شفاينشتايجر استطاع في هذه المباراة أن يقود زملاءه ويلهمهم ويحفّزهم بالكيفية التي كان يقوم بها بالاك سيء الحظ، طيب الذِّكر.
خلاصة الكلام، ألمانيا بيكنباور وهونيس وماير وجيرد مولر ماض جميل فعلاً، ماض كان يضخ الرعب في قلوب كل المنافسين، ماض شاهده والدي وأجدادي. ولكن الحاضر يقول أن ألمانيا لام وشفاينشتايجر وكلوزه وبودولسكي، ألمانيا التي أشاهدها أنا لا تملك شخصية البطل لأننا نراها تنهار مع كل استحقاق جدي. مشجعو المانشافت ملّوا من تكرار الأسطوانة عينها مع قدوم كل "نصف نهائي" أو "نهائي"، وباتوا فعلاً يؤمنون بـ نظرية النحس التي لا يجدون سواها تفسيراً لكل هذه الخيبات. فهل أنت فعلاً منحوسة يا ألمانيا؟
ضع تعليق بحسابك فى الفيس بوك |
|